بسم الله الرحمن الرحيم
نعلم بأن الله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان ثلاث ميزات رئيسية ليميزه عن بقية المخلوقات الأخرى وهي:
1- جعل الله تعالى للإنسان نسبا، أي أن الإنسان يجب أن يعرف من هو أبوه؟ ومن هي والدته؟ ومن هي أخته؟ ومن هي عمته؟ ومن هي خالته؟ ومن هي بنته؟ ومن هو أخوه...إلخ، فيجب أن يعرف نسبه، لقوله تعالى في سورة الحجرات: ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ).
2- أن الله سبحانه وتعالى أوجب وألزم على الإنسان ارتداء اللباس، أي الملابس، لقوله تعالى في سورة الأعراف من القرآن الكريم: ( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى )، أي أن ارتداء اللباس وستر العورة هي صفة خاصة بالإنسان فقط؛ لأن الدواب لا ترتدي اللباس ولا تستر عوراتها، فقط الإنسان يجب عليه ارتداء اللباس ويستر عوراته وبدنه.
3- أن الله تعالى علم الإنسان بالقلم أي علمه القراءة والكتابة دون بقية المخلوقات لقوله تعالى في سورة العلق بالقرآن الكريم: ( الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم )، حيث القراءة والكتابة خاصة بالإنسان، وأن أيا من بقية المخلوقات الأخرى لا يمكن لها أن تتعلم القراءة والكتابة، ربما تتعلم سياقة الدراجة الهوائية أو سياقة السيارات، وكما نشاهد بعض القرود المتدربة تسطيع سياقة الدراجة الهوائية أو سياقة السيارات، وتتعلم بعض الأعمال الأخرى، ولكن لا يمكنها أن تتعلم القراءة والكتابة والتعبير عن أفكارها وما يدور في عقلها بواسطة القلم، أي عن طريق الكتابة لأن القراءة والكتابة فقط خص الله تعالى بها الإنسان دون بقية المخلوقات.
فالبقرة التي نشرب حليبها أو لبنها يوميا هي أيضا تجوع وتخاف وتموت وتتناسل وتتزاوج وترحم صغارها وتبرد وتمرض، ولكن البقرة لا تعرف نسبها، أي من هي أختها ومن هو أخوها ومن هو أبوها ومن هو ابنها...إلخ، وهي لا تستر عورتها ولا تلبس الملابس، وهي أيضا لا تعرف ولا تتعلم القراءة والكتابة لتعبر عن ما يدور في فكرها وعقلها من مشاعر وأفكار؛ لأن ميزة القلم ـ أي القراءة والكتابة ـ هي فقط علمها الله سبحانه وتعالى الإنسان.
السؤال: أن الغرب أخذ يتجرد فعليا من ميزتين من هذ الميزات ألا وهي ضياع الأنساب بسبب كثرة الزنا والفواحش، والثانية بسب التعري التام أو الشبه التام من اللباس وعدم ستر البدن والعورات، فما هو العمل الذي يجب أن نعمله نحن المسلمين لمواجهة هذين الفعلين الشنيعين والتي ربما تدخل إلى بلادنا أو ديارنا عن طريق هؤلاء؟ وما هي الأساليب الفعالة في الوقاية من انجراف أبناء المسلمين لهذين العملين الشنيعين وغيرها من الأعمال؟ وما هو دور الآباء في هذ المرحلة؟ وكيف يجب أن يكون ذلك؟ أرشدونا أرشدونا أرشدونا.
وجزاكم الله تعالى ألف خير.
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كاوه شفيق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يجزيك عن الإسلام والمسلمين خيراً، وأن يزيدك توفيقاً وهدى وصلاحاً واستقامة على دينه.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن المشكلة التي عرضتها لا يقوى فرد أو مؤسسة على حلها أو التغلب عليها، وإنما لا بد للقضاء على آثار هذه الحملة الشرسة من وقوف الدول والأفراد والمؤسسات الرسمية والأهلية في وجه هذا التيار الجارف، الذي يكاد أن يقتلع الإسلام وقيمه ومبادئه من قلوب المسلمين، بل ويؤدي إلى فقدهم لهويتهم، وذوبانهم في المجتمعات الغازية التي تقوم على الكفر والإلحاد والتحلل من القيم والمبادئ والأخلاق، وهذا وبلا شك هدف استراتيجي للدول الكبرى، والتي تسعى إلى فرض قيمها ومبادئها ونمط حياتها على الشعوب الفقيرة والضعيفة، ومما يؤسف له أنه ليس بمقدور الدول أو الشعوب منع تسرب هذه المواد الإعلامية إلى بلادهم، إذ أن الأقمار الصناعية العملاقة، والتي تزيد على الخمسمائة قمراً صناعياً جعلت من المستحيل على أي دولة مهما كانت أن تحول دون وصول هذا الغزو إلى شعوبها، ولقد خدمت هذه الأجهزة المتطورة من إنترنت وإعلام بجميع صوره تلك الشعوب الكبرى بصورةٍ لم يسبق لها مثيل، حيث يقولون تدليل العقول البشرية وعمل مساج لها يصيبها بنوع من التخدير، ويسمح لها باستقبال هذه المواد الإعلامية دون أدنى مقاومة، وللحق أقول: ليس بمقدور الدول وحدها وقف هذا التيار الجارف، وإنما لا بد للأسر والأفراد من المساهمة في المقاومة، ووقف أو الحد من آثار هذه الحرب الشرسة التي لا تبقي ولا تذر، ومن أهم أسلحة المواجهة ضرورة تحكم الأسرة في فترات استعمال هذه الأجهزة، وتحديد المواد الصالحة من غيرها، وعدم السماح لأبنائهم بالاطلاع أو مشاهدة هذه المواد المعروضة دونما ضابط أو رقيب، وهذا حقيقة يأتي على رأس الإجراءات الوقائية التي لا بد من توعية المسلمين بأهميتها وعظيم تأثيرها، وإلا فلا يمكن لأي أجهزة مهما تطورت أن تحول دون وصول هذا الغزو إلى عقر دارنا، وإنما لا بد للأفراد والأسر من الوقوف بأنفسهم كما ذكرت، ولا بد من حملة توعية ببيان خطورة هذه الحملة، وضرورة مساهمة الأسرة والمؤسسات الأهلية في مقاومتها، كما أنه لا بد من توفير بديل إسلامي يحمل قيم الإسلام ومبادئه، على أن يكون على نفس المستوى من التقنية والإبداع؛ حتى نقنع المجتمع المسلم خاصة الأبناء من قدرة المسلمين على المواجهة والتصدي، وهذا يحتاج إلى جهود علمية جبارة ورأس مال كبير، حيث تذكر الإحصاءات أن أمريكا تُنفق على بعض الأفلام التي تنتجها هيوليود ما لا يقل عن المئة ميلون دولار، وهذا في حد ذاته يمثل أعظم وأخطر تحدي للأمة الإسلامية نظراً لتخلفها العلمي والتقني، ولقلة موارد الكثيرين منها، ولانعدام الوعي بخطر هذه الحملة من جهة أخرى، إلا أنه ورغم ذلك فلقد ظهرت عدة محاولات لا بأس بها، يمكنها أن توفر بديلاً معقولاً أمثال قناة المجد والفجر وغيرها، فينبغي علينا دعم هذا القنوات الإسلامية النقية، وتشجيع الناس على اقتنائها والتعامل معها، واعتبارها البديل الأمثل، وتشجيع الأثرياء من المسلمين على الاستثمار في هذا الميدان، ونادي بأعلى صوتك بين أهلك وإخوانك، وعما قريب سيبزغ فجر الإعلام الإسلامي، ونحيا في ظل الإسلام النقي الطاهر.
مع تمنياتنا لكم بالتوفيق.